Friday, March 26, 2010

ثلاثون


كلابٌ تعوي في ليلٍ كئيب
صوتٌ يتنفس هناك هناك في زاروبٍ صغير
رئتان تنتفخان قليلاً
شرايينٌ تتصلب بطيئاً بطيئاً
برد يخيم على أنتانات المباني والشبابيك الطويلة
نساءٌ تنتظر في فراشها
رجالٌ تنتظر في أحلامها
أطفالٌ ينتظرون أي نجمٍ أو أي شبح
بالخزانات تترتب الفساتين وعلى الحيطان تعلق وتلبس في غرف النوم وتشلح في غرف النوم وترتب داخل الخزانة .

مدينةٌ صامتة بضجيجٍ مريع
أسلاك كهرباء ممتدة في الأدمغة ، مخترقةً للشرايين وللأصابع
أصابعٌ تسقط وتنمو مكانها أسلاكٍ معدنية ملونة
حيطانٌ تختزن كل البرد والبرودة في الأحاسيس
قلوبٌ تتدفأ في تلك الحيطان
برودة في الأعصاب وفي المناشف
مياهٌ تنهمر كى لا تنفجر
أدمغة مثقوبة
حيتانٌ تعوي ليلاً
كلابٌ ترقص
موتوسيكلاتٌ تقطع ذلك الصمت البارد
قبلاتٌ تختفي
نساءٌ تنتظر في فراشها ولا شيء يأتي سوى البرد والعتمة
تفاصيل تلك الدواليب لا زالت على جسدك يا بطل
كل انعكاسات المرايا لا زالت في قدحة عينيك يا بطل
صوتك البارد لا زال بارداً وقد يختفي قريباً
أحلامك، امنياتك ، نظراتك المريبة
وذلك الأرق النازف من عينيك سيختفي قريباً
فخذ له صورة أخيرة
وإنتظر في فراشك عل احدهم يأتي ويطعنك في صدرك .

كلمات كثيرة تعشعش في ثدي الأمهات
أحاسيس مكبوتة ترتسم على كفوف الآباء
عناقٌ ينتظر ولا يأتي سوى البرد الثقيل .

كلمات متقاطعة
أحاسيس متقاطعة
أحلامٌ متقاطعة
أفكارٌ متقاطعة
أسلاكٌ متقاطعة
أشجارٌ متقاطعة
طرقاتٌ متقاطعة
سيارةٌ متقاطعة
مرايا متقاطعة
أجسادٌ متقاطعة
قبلٌ متقاطعة
مضاجعات متقاطعة
حبٌ متاقطع
سكينٌ يقطع سكين ..

صمتٌ متألم
حبٌ صامت
سكينٌ يقطع سكين ..

جسد شبق
حب مريض
جسد متعب
سكينٌ يقطع سكين ..

إمرأة نائمة
رجلٌ صاحٍ
سكينٌ يقطع سكين ..

يدٌ تمسك ثدياً
شفاهٌ ترضع ثدياً
سكينٌ يقطع سكين ..

تفاصيل متقاطعة
أوجاع متقاطعة
همومٌ متقاطعة
طموحاتٌ متقاطعة
سكينٌ يقطع سكين ..

ينزل المطر سكاكيناً على الأرصفة
تعوي الأرصفة
تنزف أقداماً
وتنام وحدها تحت سكاكين المطر

حبٌ يقطع حباً
جسدٌ يقطع جسداً
سكينٌ يقطع رقبة
إصبعٌ يقطع كلمة
نملةٌ تقطع صمتاً
صمتٌ يقطع حديثاً
حديث يقطع صمتاً
سكينٌ يقطع سكين..

أحلام
ليس هناك سوى الحلم لتعرف أنك موجود
ليس هناك سوى بعض الخربشات في الصوت
وكثير من الوحدة
وحبل رفيع لا زال يربطك بهذا الكوكب ..
إقطعه يا بطل
أخرج خنجراً من صدرك واقطعه
إقطع ذلك الحبل الرفع قبل أن يشدك نحو الأسفل
- ولكنهم قالو لي بأن أنزل نحو الأسفل
- ولكني يا بطل أقول لك بأن تقطع ذلك الحبل الرفيع , إخرج ذلك الخنجر من أذنيك وإقطع ذلك الحبل الرفيع فهذا الكوكب ليس سوى قطعة صغيرة من الحلوة يلتهمها طفلٌ ما , ولست أنت ذلك الطفل يا بطل فإقطع ذلك الحبل الأن إقطع ذلك الصمت الرتيب
إقطع تلك الموسيقى الناشزة وذلك الصوت الكئيب
وافرد جناحيك
وافرد جناحيك في هذا الفضاء علك تهتدي إلى ثقبٍ أسود وتختفي داخل نفسك وتنام
تلك العيون المبحلقة لن تغير شكل القمر
يا بطل تلك العيون المبحلقة لن تغير شكل الكواكب أبداً
عليك أن ترخي جنونك قليلاً
عليك أن تستسلم قليلاً لذلك الثقل الكامن في الجفون
عليك أن تغمض تلك العيون المنتشرة أينما كان
ودع النساء ينتظرون في الفراش
ودع الرجال ينتظرون في الأحلام ونم قليلاً
علك لا تستيقظ أبداً
-ولكن كوب الحليب سينتظرني صباحاً , ماذا أقول الكوب الحليب
ماذا أقول لشكلي في المرآة
ماذا أقول لذلك الشباك الذي لم افتحه يوماً
ماذا أقول للكنبة التي تنتظر ثقلي عليها
ماذا أقول للصمت
تنام
تستيقظ
سكينٌ يقطع سكين ..

جرحٌ يقطع جرحاً
إنتظارٌ يقطع إنتظاراً
مللٌ يقطع مللاً
سكين يقطع سكين ..

وهكذا ينتظر الغيم كل السنة لكي يمطر قليلاً ويختفي

صيحات تلك المدينة لم تعد تهزني
أبواق السيارات لم تعد تزعجني
فقد قطعت أذني وأطعمتها لكلاب الشارع كي تسمع عني قليلاً
صمتٌ يقطع صمتاً
سكينٌ يقطع سكين ..

زاروبٌ صغير
رئةٌ تنتفخ قليلاً
شرايينٌ تتصلب بطيئاً بطيئاً
حساء ينتظر في الثلاجة
ديكٌ يصيح من الفرن وفي فمه جزرة
صوتٌ يأتي من السماء ولا أحد يسمع
رياحٌ تأتي من البعيد لتخبرنا بقصص الأنبياء
وبقصص الأطفال الصغيرة أينما كان ولاأحد يسمع
إمرأة تنتظر في فراشها
زوجٌ ينتظر كي تنام المرأة , كي يدخل إلى الفراش
طفلٌ يبكي خلف الحائط
سريرٌ يبرد
منزلٌ يختفي
شباكٌ يبقى معلقاً على وجه الحائط
سكين يقطع سكين ..

وأنت يا بطل لا تفعل سوى إعادة المشهد من جديد
تعيد المشهد وتعيده مراراً وتكراراً في رأسك
والألم واحد

ألمٌ يقطع وجعاً
وجعٌ يقطع حباً
حبٌ يقطع أنفاساً
سكينٌ يقطع سكين
وأنت يا بطل لا زلت تقطع أوصالك بطيئاً بطيئاً بطيئاً
تصغّر رئتاك
تأكل قلبك
ولا شيء يحصل سوى بعض الألم لا أكثر
ألمٌ يقطع حديثاً
ألمٌ يقطع لقاء
ألمٌ يقطع حباً
سكينٌ يقطع سكين ..

هناك في البعيد
هناك في البعيد هناك هناك هناك هناك
هناك في البعيد
عائلة كبيرة نائمة
صبي طفلٌ نائم
أب نائم
يدٌ تمسك إصبع
وهناك هناك هناك هناك هناك في البعيد هناك
طفلٌ بعيون مبحلقة
أحاديث تافهة
كنبةٌ متراس
وهناك هناك هناك هناك هناك في البعيد هناك
طفلٌ يكبر
موتٌ يأتي
حجابٌ يظهر
وهناك هناك هناك هناك في البعيد هناك
طفلٌ يجلس
استاذٌ يقرأ
سماء تمطر
طفلٌ يمطر
سماءٌ تقرأ
أستاذ يجلس
سكينٌ يقطع سكين ..

وهناك هناك هناك هناك في البعيد هناك
نسوة بعيون حاقدة
جريمةٌ منتظرة
آذان تسمع
طفلٌ يكبت صراخه
وهناك هناك هناك في البعيد هناك
درجٌ بارد
أطفال تسرق من السوبرماركت
شجرةٌ تأكل م mentos
وهناك هناك هناك في البعيد هناك
طفلٌ يمشي على الرصيف
صالات عرضٍ جاهزة
جنيريكٌ يظهر من فرج إمرأة
وهناك هناك هناك في البعيد هناك
طفلٌ يشتري سكين
أسلحة تتحضر
إصبعٌ مجروح
دماءٌ نازفة
نزيفٌ يقطع مجزرة
بكاء يقطع عزاء
ضحكة تقطع جنازة
سكينٌ يقطع سكين ..

متى ستنتهي كل تلك الذكريات
متى ستجمع أوراقها الثقيلة وتضع نفسها في تنكة كبيرة وتحرق نفسها أمام الله والشمس والريح
متى ستحترق كل تلك الفراش
متى ستلتهب كل تلك السماء
متى ستمطر ناراً علينا و تمطر علينا بعض السماء
متى ستسقط السماء على رؤوسنا ونختفي
ونصبح شظايا ننزل من ثقب السماء

هناك هناك هناك في البعيد في البعيد هناك
طفلٌ كئيب
عيون مبحلقة
صمتٌ يتجهز
سكينٌ يقطع سكين ..

هناك هناك هناك في البعيد هناك
رائحة كريهة
عيونٌ ذابلة
نعشٌ مرفوع
جثةٌ صامتة
سكين يقطع سكين ..

هناك هناك هناك في البعيد هناك
رجلٌ طفلٌ ينظر
أنفٌ منتفخ
صمتٌ يكبر
سكينٌ يقطع سكين ..

كل تلك النهايات يا بطل لن تكون بعد الآن سوى كتلك البدايات حيث كان السكين يوضع في الرقبة للزينة
كل تلك النهاية يا بطل ستختفي قريباً
ولن يرجعها سوى نزيفٌ عميقٌ في تنكة النيدو أو في برميل النفط أو في كرش الأسد
لا شيء تحت هذه السماء سوى بعض الخربشات في الصوت
وبعض الإنتظار وكثير من الملل
وكثير من الملل
وكثير من الإنتظار
تقف تجلس سيان
تنظر من ذلك الشباك ولا ترى سوى بعض الخربشات لبعض المدينة
آخذة بالتلاشي بطيئاً بطيئاً
وأنت لا تفعل سوى الإبتسام

إفرد جناحيك يا بطل وإقطع ذلك الحبل الرفيع
عل المدينة تتلاشى أسرع فأسرع في رأسك
فهناك ثقبٌ ينتظر في ذلك الفضاء
وهناك سكينٌ ينتظر
وهناك أحلامٌ
وهناك كثير من البكاء

ثقبٌ ينتظر
طفلٌ يكبر
سكينٌ يقطع سكين ..
تلك هي الحكمة
ذلك هو السؤال

Saturday, March 6, 2010

خمسة


صناديقٌ داخل صناديقٍ داخل صناديقٍ لا تنتهي
وحبٌ داخل حبٍ داخل حبٍ لا ينتهي
أحاديثٌ داخل أحاديثٍ داخل أحاديثٍ لا تنتهي
وقبلٌ داخل قبلٍ داخل قبلٍ لا تنتهي
وجروحٌ داخل جروحٍ داخل جروحٍ لا تنتهي
ولومٌ داخل لومٍ داخل لومٍ لا ينتهي
وصيحاتٌ داخل صيحاتٍ داخل صيحاتٍ لا تنتهي
وأجسادٌ داخل أجسادٍ داخل أجسادٍ لا تنتهي
و لحم داخل لحمٍ داخل لحم لا ينتهي
وإنتظارٌ داخل إنتظارٍ داخل إنتظارٍ لا ينتهي
ذلك هو البحر مياهٌ لا أكثر
وذلك هو الحب مللٌ لا أكثر ..

كل ذلك الملل المعشش في الدماغ
كل ذلك الحب المنتظر على الأبواب وعلى الأفواه وعلى الأيادي
كل ذلك الموت المنتظر خلف الشبابيك وخلف البحر وخلف السماء لن ينتهي
تجلس كغيمةٍ مثقلةٌ بالمطر ولا تمطر يوماً يا بطل
تعبي في داخلك كل الحزن وكل العتب وكل الموت البطيء ولا تمطر
أجسادٌ كثيرةٌ مرت على يداك
جثثٌ كثيرةٌ مرت على كتفك
قبلٌ كثيرةٌ مرت في شرايينك
وحبٌ كثير تقيأته وتتقيأه كل صباحٍ ظهراً مساء
كل الأحلام ليست سوى طرحة لعروسٍ لن تأتي إلى عرسها
كل ذلك النبيذ ليس سوى دماء الحوت نشربه ونأكل معه بعض الجبن ممزوجةٌ بطعم المقصلة
مسلخٌ كبيرٌ هذه المدينة و لا تفعل سوى الذبح صباحاً والنوم مساءً
مسلخٌ كبيرٌ هذه الطرقات وهذه الشوارع وهذه الشقق الباردة
باردةٌ تلك المدينة رغم الشمس فيها
باردةٌ تلك المدينة رغم الحب فيها
باردةٌ تلك المدينة برودة تلك الجثث النائمة تحت جلدها
جثثٌ جثثٌ جثثٌ تنمو تحت جلد المدينة كل صباحٍ وكل مساء
جثثٌ تأتينا من البحر من الجو من تحت التراب تأتينا في أحلامنا
توقظنا
نمشي معها تمشي معنا كل مساءً صباحاً عصراً ظهراً ضحاء
و نحن لا نفعل سوى الإستسلام دائماً
نحفر قبراً نضع فيه جثتنا ونبكي عليها
وإن حالفنا الحظ يأتينا بعض الورد وبعض المطر فينبت بعض العشب
في مفاصلنا
ونموت كالرخويات تحت الرخام
لا شيء تحت الرخام سوى جثث
لا شيء تحت هذه السماء سوى رخامٌ وجثث
لا شيء تحت هذا البحر سوى جثثٌ تنتظر أن ينشف البحر يوماً كي تدفن في التراب
ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ لن يملأ عيني أي جثة
ترابٌ كثيرٌ لن يملأ قلب أي جثةٍ
ترابٌ كثيرٌ لن يملأ أي من الجثث المارة في المدينة كل صباح


في البعيد في البعيد هناك هناك في البعيد هناك في البعيد هناك هناك في البعيد
صبيٌ يمشي بين الصخور يجلس على صخرة يدندن أغنيةً للموت وهو طفلٌ
يدندن أغنيةً للموت وهو جثةٌٌ
يدندن جثة تدندن ذلك الطفل القابع على تلك الصخرة
ولا زلت هناك يا بطل على تلك الصخرة تدندن تلك الأغنية الكئيبة
ولازلت هناك يا بطل تدندن ذلك اللحن مجدداً
مفاصلك زرعتها في التراب وزرعت نخاعك الشوكي في ذلك الصخر
لا زلت هناك يا بطل تنتظر أي نهرٍ يمر
أي مياه تمطر
وأي حب قد يأتيك من السماء
وقد مروا عليك جميعهم
كما يمر قطارٌ على سكة حديد
ولا زلت يا بطل تنوح في أغنيتك تلك
ولا زالت السماء تتربص لك
ولازال النهر بعيداً بعيداً بعيداً بعيداً يا بطل
لقد شربوا كل النهر
لقد أكلوا كل الغيم
لقد سرقوا كل بكاء الورود الصباحي وصنعوا منه حلوة وفطائر
-الورود لا تؤكل
صرخ ذلك الطفل من على تلك الصخرة
-الورود لا تؤكل والغيم لا يؤكل والريح لا تؤكل
لا يؤكل سوى الصمت والصمت فقط
صرخ ذلك الطفل من على تلك الصخرة ومشى خطوتين ولكن نخاعه الشوكي ظل ممسكاًً بتلك الصخرة..
هناك في البعيد هناك في البعيد
هناك في البعيد البعيد
طفلٌ رأى جثةً وفهم معنى الصمت

هناك في البعيد سكينٌ تحز رقبة
طفلٌ ينظر
و هناك في البعيد
سكينٌ تحز رقبة
وهناك في البعيد
طفلٌ ينظر
طفلٌ يصرخ
ولكنه يبقى صامتاً
و هناك في البعيد إمرأةٌ تغسل ثياباً لن تنظف
هناك في البعيد
طفلٌ يصرخ صامتاً ،
إمرأةٌ تغسل ثياباً ،
سكينٌ تحز رقبة ’
بابٌ مفتوح للريح
عتبةً مفتوحةً للموت
وهناك في البعيد شباكٌ ينتظر مجزرة
وهناك في البعيد طفلٌ يحلم أنه يطير
وهناك في البعيد سكينٌ تقع
وهناك في البعيد رقبةٌ تخيط
وهناك في البعيد ثيابٌ ملطخةٌ بالدماء لن تنظف
و رأسك يا بطل مليءٌ بتلك الدماء
مليءٌ بتلك الريح
مليءٌ بتلك الخيوط ومليءٌ بتلك الرائحة
صخرةٌ تمسك نخاعك الشوكي يا بطل
تحاول الطيران ولكنك تسقط
تمسك طرف غيمة, تمسك طرف حبيبةٍ
تمسك طرف رصاصةٍ طائشة
تمسك طرف نجمٍ
-لا شيء سيقتلع نخاعك الشوكي من تلك الصخرة يا بطل سوى النهر
فإنتظر النهرفقد يأتي يوماً
-لن يأتي ذلك النهر لقد شربوه وأكلوا كل الغيم فلن تمطر
-حسناً إجلس قليلاً على تلك الصخرة قليلاً قليلاً قليلاً
سيأتي احدهم
سيأتي احدهم ويجلس معك قليلاً

وينتظر ذلك الطفل كل الدهر ولا يأتي سوى الصمت والوحدة

-إجلس قليلاً بعد إجلس قليلاً بعد
إجلس قليلاً عل السماء تسقط عليك
-ولكن السماء لن تسقط
السماء على العكس ستطير ويطير معها كل الكوكب إلا تلك الصخرة القابعة على نخاعك الشوكي
-ها أنت الأن يا بطل لست سوى تلك الصخرة ولازلت تنتظر ذلك النهر ولازلت يا بطل تنتظر احدهم عله يأتي ويجلب لك بعض الحب أو بعض القبل ملفوفةً بكيس بلاستيكي
-إنتظر قليلاً فلابد أن يأتي احدهم فلابد أن يأتي أحد فمن غير المنطقي أن لا يأتي أحداً إلى هنا
وتنتظر وتنتظر وأنت تعرف والكل يعرف والسكين في تلك الرقبة تعرف والمرأة التي تغسل تعرف
والباب المفتوح يعرف
والريح و العتبة تعرف بأنه لن يأتي سوى الصمت مصطحباً معه بعض الوحدة
لا شيء سيحصل يا بطل سوى أحلاماً جديدة وأسماكاً جديداة وأفكاراً جديدة سرعان ماتتفتت عند أول النهر

تنظر إلى البحر ولا تغوص
تقف تسأله عن ذلك النهر
فلا جواب
ولا زلت تذهب إلى البحر ممسكاً بيدك صخرةً موصولةً بنخاعك الشوكي
تقف هناك علّ النهر يمر يوماً
وتنتظر ..
وتنتظر ..
فقط
.

Sunday, January 3, 2010

0000


في الشارع تنمو السكاكين..
على شرفات المنازل..
و على الرصيف و الموتسيكلات ..
و خلف الكومبيوتر
و في الشارع تتكاثر السكاكين و تتكاثر..

هل هناك رقاب تكفي لهذا الكم الهائل من السكاكين؟

هذه رقبتي
و هذا معصمي
و هذه صوري
و هذه روائحي
وهذا بولي
و هذا صمّام قلبي
إحملوا سكاكينكم و إقطعوا تفاصيلي

في الشارع تتكلّم السكاكين
عن شاب قٌطعت أوصاله
و كلام السكاكين كالبرق يلمع على الأرصفة و أنتنات المباني
و لكلام السكاكين صوت كالصمت
يلمع بهدوء
و يسري في الأحياء
كالهمس يتنقّل
كالنمل يتكاثر
و يخبر القصص عن شاب قٌطعت تفاصيله
و لكنّه ظل يقاوم حتى إنهمر المطر دماً
و ظل يقاوم
حتى أصبح سكّيناً تلمع و تلمع و تلمع
و مع كل لمعة كان هناك رقبة تطير
و رجل تركض وحدها
و أصوات عويل و خوف
و رائحة البكاء كانت تعمّ الشوارع و الأحياء و الأرصفة
و ظلَّ يلمع حتى الصباح
حتى سالت الدماء من المباني و الجدران و الأرصفة
و من إيشارات السير و السيارات و الشوارع و علب الهاتف و من الهاتف
و عواميد الكهرباء و المقاهي و المستشفيات و جميع الدوائر الرسمية
و من السماء و الغيوم
حتى سال الكوكب دماً..
و بقي يلمع..

في الشوارع سكاكين تلمع
تشاهدها من تحت اليد
من فوق الحذاء
في الجيب الخلفي
في صناديق السيارات
و في إنعكاس زجاج المحلات

في الشارع سكاكين تتحضّر و تشذّب بهدوء و عناية
و هي قادمة لا محالة ليسيل الكوكب مجدداً دماء

هكذا تكلّم جدّي

9:15:2:10:20:09


ليس فوق تلك العيون
سوى سواد و خوف مبطّن
ليس خلف هذا البحر سوى الشاطئ
حيث القبور تتكاثر كالذباب
ليس تحت هذا الجذع سوى جثة سُلخت هنا و إلتهمها الوقت
ليس في جمجمتي سوى ضجيج الأرق
و حب مُنتظر..
أمدّ أطرافي إلى البعيد
حيث لا شيء سوى العاصفة
و أجساد باردة برودة الحيطان
لا شيء خلف هذا الباب سوى الخوف و المطر
و غرابٌ أسودٌ يقبع على قلبي
و دجاجة أرض تحمل مدفع
و صوص أصفر يحمل سكّيناً و يذبح به صوص آخر..

مسلخ عام هذا الوطن و نحن لسنا سوى أبقاراً تنتظر

هكذا تكلّم جدي

5:33:5:42:7:10:20:09


تقفل المحلات أبوابها فقط للموت
و ليس لأي موت بل للموت قتلاً

بالأمس كانت السكاكين تلمع
كانت الأصابع تنزُّ دماً
كان اللحم ممتلأً دماء و حماس
كانت العروق منتفخة
و كان المشهد يوحي بالجثث
و
كل شيء كان مهيّئاً :

الأعناق و السكاكين و الموتسيكلات و التوابيت و الشعارات و الصور و حتى بكاء الأمهات كان جاهزاً

نزلوا كما تنزل الريح
إندسّوا في الزواريب
لمحوا أجساداً تتحرّك
شمّوا رائحة عرقهم
إستلوا سكاكينهم الحادة..
و لم نسمع سوى صوت السكاكين على اللحم
و صوت اللحم على اللحم
و صوت اللحم على السكّين و اللحم
و صوت نزيف متواصل..
وظل النزيف حتى الفجر...

هربوا تاركين سكاكينهم في البطون
و إنصرفوا آخذين معهم رواية أخرى لشباب الحي

لقد أصبح الدم كبقعة الزيت
و البقعة تتسع و تتسع
و ستتسع حتى تغطي هذا الكوكب كلّه

هكذا تكلّم جدّي

10:6:10:16:7:10:20:09


لا وقت لدينا حتى لنموت
ولا حتى لنحزن على ميّت
هكذا حدّدوها..
فإن مات أبوك تحزن لثلاثة أيام
هذاهو وقت الحزن في هذا النطام
و نحن رضينا و سمعنا و مشينا
لا وقت لدينا لنسأل أسئلة أكبر من : ماذا نأكل؟
لا وقت لدينا لنقاش حقيقي فغداً يوم عمل
لا وقت لدينا لنحب,لليلة عاصفةوكأس و مجون و حب حتى العظام
فغداً هو يوم الغسيل
بتنا لا نعرف طعم الدمع
إذ أنه ليس لدينا الوقت لتصل الدمعة إلى الفم
تعب نحمله على ظهورنا نيشان
و نتباهى بالملل
و نتجادل بالنميمة
نحب حياتنا كما هي لا أكثر
فهكذا قال لنا النظام ..

فأركض يا بطل على وجه هذا النظام
و بُل في فمه
و أبصق في عينيه و إحمل سكّينك و إرفعها عالياً
و إطعنعه في عنقه
و سرّح شعرك على جثّته الهامدة
و دع الأطفال تصرخ
و النسوة تبكي
و الرجال دعهم يصمتون فسيأتي زمن البكاء

دموع كثيرة تنتظر على الأبواب
و على درفات الشبابيك
و دموعٌ كثيرة ستهطل من أعيننا ذات مساء

بالدمع طاف الكوكب يوماً
و بالدمع سيطوف مجدداً
و لن يبق سوى الأسماك لتخبر ما جرى

هكذا تكلّم جدّي

12:3:12:21:7:10:20:09


على كل تلك الأصوات الناشزة أن تصمت
فالريح الآن تتكلّم

تهمس الريح في زواريب المدينة
تصرخ بالشبابيك
و تعوي على الشجر
و الريح تهمس بحكاية عن موت بطيء قادم إلى هذه البلاد
و تهمس بمجاعات ستحصل و تهمس بخناجر ستستقرّ في الظهور
و تحكي عن مزاريب دماء
و عن أمواس و عن شفرات
و عن لحم يُشوى و يؤكل و يرمى للكلاب

الريح تهمس بخوف يأتي من بعيد
من خلف البحر و خلف الصيادين
خوف يصل إلى العظام
و إلى الرؤوس و الجماجم
خوف يسري كالقبل على الرقاب
خوف من موت محتمل و على الأرجح بطيء

الريح تلهو بنا
و الريح تخبرنا و نحن نعرف بما تخبرنا
و الصبي الصغير في بطن أمه يعرف
و بائعي السمك و عاملي النظافة
و الكل يعرف
حتى رقبتي تعرف ما نوع السكّين الذي سيحزّها
نرفع رؤوسنا كل صباح ليس فخراً كما يتصورون
نرفعها علّ سكيناً يحزّها و نختفي
و في كل صباح نصاب بالخيبة عينها
و في كل صباح نبكي بلا صوت أو دموع
نبكي بعض المناشف و بعض الأحاسيس المكبوتة
و من ثم نضع البسمة على شفاهنا
و نخرج كما يخرج الجميع
رافعين رقابهم ..آملين

و لكن السكاكين لن تأتي
لن يأتي سوى الملل
و الكآبة..
و بعض اللحظات المبتورة
بتنا تفرح لطلوع الشمس
بتنا تفرح بقبلة حبيب
بتنا تفرح بطعم قهوة جيّدة
بتنا تفرح برؤية ثعلب
بتنا تفرح بثيابنا الأنيقة
بتنا تفرح بتشكيل حكومة
بتنا تفرح بسماع أغنية جيّدة
و هذا سخيف حقاً و معيب
فلذلك نرفع رؤوسنا عالياً
و ننتظر أي سكّين
و السكاكين لن تأتي قريباً
فهي الآن مشغولة بذبح الغنم و تقطيع الخضار

تبّاً لهذا الكوكب الذي أصبح فيه السكّين لتقطيع الخضار

هكذا تكلّم جدي

12:45:12:47:6:10:20:09


كل تلك الدماء لا تكفي لتسدّ عطش البحر
كل تلك الجثث المعلقة في المسالخ و الأحياء لا تكفي لصنع الهمبرغر و الكبّة بالصينية
كل تلك المقابر ليست سوى مقابر فوق مقابر

في الرمل تتكون الحكايات
و في التراب تروى
و على الشجر تنبت
و تسري كالريح في المدن
و تصبح الخرافة

كل الذين ماتو
ماتوا بصمت..إذ لم يكن لديهم الشجاعة للصراخ
و لا حتى للضحك
و لم يناقشوا السكين التي إحتزّت رقابهم
و لم ينظروا حتى في خوف قاتلهم

في يوم ما ستصلنا أصوات أنّاتهم و صرخاتهم المكبوتة
ستأتينا من الماء
من الشجر من الكهرباء
ستتسلّل علينا من شبابيكنا العالية
من حفرة حمّامنا
ستتسلّل علينا و نحن نيام
و ستعبث بأحلامنا..
و سنستيقظ و نحن نصرخ صراخهم المكبوت

في يوم ما سيفتح الكوكب شبابيكه و يأخذ بالصراخ عالياً
و لن يُسمع صوت لهذا الصراخ

هكذا تكلّم جدي

12:24,12:38,6,10,20.09




نطفئ سجائرنا في الرمل
و ننتظر أن ينبت تفاحاً و ليموناً
و لا ينبت سوى القلق ...
قلق..قلق..قلق..قلق..
قلوبنا تنبض قلق
قلق..قلق..قلق..قلق..
و نستطيع أن نتحسّس ذلك القلق
في شرايين اليد و الرأس و الرقبة
قلق ..قلق..قلق..قلق ..
نحمل سكيناً نقطع تلك الشرايين
و يصاب الكوكب بسيلان من القلق..
قلق ..قاق..قلق..قلق..

نقلّم أظافرنا..ننتف شعر جسدنا
و نبقى حيوانات بسكين أو مدفع
قتلة ولدنا ..
و قتلة نموت ..
لا صوت سوى لصوت الشفرة على اللحم
هذه موسيقانا
نحاول تنظيم المجازر:
نعطيها أسماءً و شعارات و أهداف و مشروع
و لكن المجزرة تبقى مجزرة
نحاول تنميقها فنستنكر
و هذا مسرحنا
و على تلك الجثث نصبنا خشبتنا
لا شكل لهذا التاريخ
سوى وجوه ملطخة بالدماء
و أجساد تنزف حتى الموت
و رؤوس تعلّق على الرماح و على السيوف و القلاع و الكنائس و الميادن
و جثث تملأ المدى و البحر
كل تلك الجثث في بطن الحوت خبّؤوها و قالوا وباء..
وصدّقنا و مشينا و كنّا نسمع أصواتهم تأتينا من بعيد ..
من البحر..من بطن الحوت ..
و لكنّنا صمتنا و صدقنا و مشينا ..
قتلة ولدنا..
و قتلة نموت..


هكذا تكلّم جدي