Saturday, March 6, 2010

خمسة


صناديقٌ داخل صناديقٍ داخل صناديقٍ لا تنتهي
وحبٌ داخل حبٍ داخل حبٍ لا ينتهي
أحاديثٌ داخل أحاديثٍ داخل أحاديثٍ لا تنتهي
وقبلٌ داخل قبلٍ داخل قبلٍ لا تنتهي
وجروحٌ داخل جروحٍ داخل جروحٍ لا تنتهي
ولومٌ داخل لومٍ داخل لومٍ لا ينتهي
وصيحاتٌ داخل صيحاتٍ داخل صيحاتٍ لا تنتهي
وأجسادٌ داخل أجسادٍ داخل أجسادٍ لا تنتهي
و لحم داخل لحمٍ داخل لحم لا ينتهي
وإنتظارٌ داخل إنتظارٍ داخل إنتظارٍ لا ينتهي
ذلك هو البحر مياهٌ لا أكثر
وذلك هو الحب مللٌ لا أكثر ..

كل ذلك الملل المعشش في الدماغ
كل ذلك الحب المنتظر على الأبواب وعلى الأفواه وعلى الأيادي
كل ذلك الموت المنتظر خلف الشبابيك وخلف البحر وخلف السماء لن ينتهي
تجلس كغيمةٍ مثقلةٌ بالمطر ولا تمطر يوماً يا بطل
تعبي في داخلك كل الحزن وكل العتب وكل الموت البطيء ولا تمطر
أجسادٌ كثيرةٌ مرت على يداك
جثثٌ كثيرةٌ مرت على كتفك
قبلٌ كثيرةٌ مرت في شرايينك
وحبٌ كثير تقيأته وتتقيأه كل صباحٍ ظهراً مساء
كل الأحلام ليست سوى طرحة لعروسٍ لن تأتي إلى عرسها
كل ذلك النبيذ ليس سوى دماء الحوت نشربه ونأكل معه بعض الجبن ممزوجةٌ بطعم المقصلة
مسلخٌ كبيرٌ هذه المدينة و لا تفعل سوى الذبح صباحاً والنوم مساءً
مسلخٌ كبيرٌ هذه الطرقات وهذه الشوارع وهذه الشقق الباردة
باردةٌ تلك المدينة رغم الشمس فيها
باردةٌ تلك المدينة رغم الحب فيها
باردةٌ تلك المدينة برودة تلك الجثث النائمة تحت جلدها
جثثٌ جثثٌ جثثٌ تنمو تحت جلد المدينة كل صباحٍ وكل مساء
جثثٌ تأتينا من البحر من الجو من تحت التراب تأتينا في أحلامنا
توقظنا
نمشي معها تمشي معنا كل مساءً صباحاً عصراً ظهراً ضحاء
و نحن لا نفعل سوى الإستسلام دائماً
نحفر قبراً نضع فيه جثتنا ونبكي عليها
وإن حالفنا الحظ يأتينا بعض الورد وبعض المطر فينبت بعض العشب
في مفاصلنا
ونموت كالرخويات تحت الرخام
لا شيء تحت الرخام سوى جثث
لا شيء تحت هذه السماء سوى رخامٌ وجثث
لا شيء تحت هذا البحر سوى جثثٌ تنتظر أن ينشف البحر يوماً كي تدفن في التراب
ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ ترابٌ كثيرٌ لن يملأ عيني أي جثة
ترابٌ كثيرٌ لن يملأ قلب أي جثةٍ
ترابٌ كثيرٌ لن يملأ أي من الجثث المارة في المدينة كل صباح


في البعيد في البعيد هناك هناك في البعيد هناك في البعيد هناك هناك في البعيد
صبيٌ يمشي بين الصخور يجلس على صخرة يدندن أغنيةً للموت وهو طفلٌ
يدندن أغنيةً للموت وهو جثةٌٌ
يدندن جثة تدندن ذلك الطفل القابع على تلك الصخرة
ولا زلت هناك يا بطل على تلك الصخرة تدندن تلك الأغنية الكئيبة
ولازلت هناك يا بطل تدندن ذلك اللحن مجدداً
مفاصلك زرعتها في التراب وزرعت نخاعك الشوكي في ذلك الصخر
لا زلت هناك يا بطل تنتظر أي نهرٍ يمر
أي مياه تمطر
وأي حب قد يأتيك من السماء
وقد مروا عليك جميعهم
كما يمر قطارٌ على سكة حديد
ولا زلت يا بطل تنوح في أغنيتك تلك
ولا زالت السماء تتربص لك
ولازال النهر بعيداً بعيداً بعيداً بعيداً يا بطل
لقد شربوا كل النهر
لقد أكلوا كل الغيم
لقد سرقوا كل بكاء الورود الصباحي وصنعوا منه حلوة وفطائر
-الورود لا تؤكل
صرخ ذلك الطفل من على تلك الصخرة
-الورود لا تؤكل والغيم لا يؤكل والريح لا تؤكل
لا يؤكل سوى الصمت والصمت فقط
صرخ ذلك الطفل من على تلك الصخرة ومشى خطوتين ولكن نخاعه الشوكي ظل ممسكاًً بتلك الصخرة..
هناك في البعيد هناك في البعيد
هناك في البعيد البعيد
طفلٌ رأى جثةً وفهم معنى الصمت

هناك في البعيد سكينٌ تحز رقبة
طفلٌ ينظر
و هناك في البعيد
سكينٌ تحز رقبة
وهناك في البعيد
طفلٌ ينظر
طفلٌ يصرخ
ولكنه يبقى صامتاً
و هناك في البعيد إمرأةٌ تغسل ثياباً لن تنظف
هناك في البعيد
طفلٌ يصرخ صامتاً ،
إمرأةٌ تغسل ثياباً ،
سكينٌ تحز رقبة ’
بابٌ مفتوح للريح
عتبةً مفتوحةً للموت
وهناك في البعيد شباكٌ ينتظر مجزرة
وهناك في البعيد طفلٌ يحلم أنه يطير
وهناك في البعيد سكينٌ تقع
وهناك في البعيد رقبةٌ تخيط
وهناك في البعيد ثيابٌ ملطخةٌ بالدماء لن تنظف
و رأسك يا بطل مليءٌ بتلك الدماء
مليءٌ بتلك الريح
مليءٌ بتلك الخيوط ومليءٌ بتلك الرائحة
صخرةٌ تمسك نخاعك الشوكي يا بطل
تحاول الطيران ولكنك تسقط
تمسك طرف غيمة, تمسك طرف حبيبةٍ
تمسك طرف رصاصةٍ طائشة
تمسك طرف نجمٍ
-لا شيء سيقتلع نخاعك الشوكي من تلك الصخرة يا بطل سوى النهر
فإنتظر النهرفقد يأتي يوماً
-لن يأتي ذلك النهر لقد شربوه وأكلوا كل الغيم فلن تمطر
-حسناً إجلس قليلاً على تلك الصخرة قليلاً قليلاً قليلاً
سيأتي احدهم
سيأتي احدهم ويجلس معك قليلاً

وينتظر ذلك الطفل كل الدهر ولا يأتي سوى الصمت والوحدة

-إجلس قليلاً بعد إجلس قليلاً بعد
إجلس قليلاً عل السماء تسقط عليك
-ولكن السماء لن تسقط
السماء على العكس ستطير ويطير معها كل الكوكب إلا تلك الصخرة القابعة على نخاعك الشوكي
-ها أنت الأن يا بطل لست سوى تلك الصخرة ولازلت تنتظر ذلك النهر ولازلت يا بطل تنتظر احدهم عله يأتي ويجلب لك بعض الحب أو بعض القبل ملفوفةً بكيس بلاستيكي
-إنتظر قليلاً فلابد أن يأتي احدهم فلابد أن يأتي أحد فمن غير المنطقي أن لا يأتي أحداً إلى هنا
وتنتظر وتنتظر وأنت تعرف والكل يعرف والسكين في تلك الرقبة تعرف والمرأة التي تغسل تعرف
والباب المفتوح يعرف
والريح و العتبة تعرف بأنه لن يأتي سوى الصمت مصطحباً معه بعض الوحدة
لا شيء سيحصل يا بطل سوى أحلاماً جديدة وأسماكاً جديداة وأفكاراً جديدة سرعان ماتتفتت عند أول النهر

تنظر إلى البحر ولا تغوص
تقف تسأله عن ذلك النهر
فلا جواب
ولا زلت تذهب إلى البحر ممسكاً بيدك صخرةً موصولةً بنخاعك الشوكي
تقف هناك علّ النهر يمر يوماً
وتنتظر ..
وتنتظر ..
فقط
.

No comments:

Post a Comment