Sunday, January 3, 2010

0000


في الشارع تنمو السكاكين..
على شرفات المنازل..
و على الرصيف و الموتسيكلات ..
و خلف الكومبيوتر
و في الشارع تتكاثر السكاكين و تتكاثر..

هل هناك رقاب تكفي لهذا الكم الهائل من السكاكين؟

هذه رقبتي
و هذا معصمي
و هذه صوري
و هذه روائحي
وهذا بولي
و هذا صمّام قلبي
إحملوا سكاكينكم و إقطعوا تفاصيلي

في الشارع تتكلّم السكاكين
عن شاب قٌطعت أوصاله
و كلام السكاكين كالبرق يلمع على الأرصفة و أنتنات المباني
و لكلام السكاكين صوت كالصمت
يلمع بهدوء
و يسري في الأحياء
كالهمس يتنقّل
كالنمل يتكاثر
و يخبر القصص عن شاب قٌطعت تفاصيله
و لكنّه ظل يقاوم حتى إنهمر المطر دماً
و ظل يقاوم
حتى أصبح سكّيناً تلمع و تلمع و تلمع
و مع كل لمعة كان هناك رقبة تطير
و رجل تركض وحدها
و أصوات عويل و خوف
و رائحة البكاء كانت تعمّ الشوارع و الأحياء و الأرصفة
و ظلَّ يلمع حتى الصباح
حتى سالت الدماء من المباني و الجدران و الأرصفة
و من إيشارات السير و السيارات و الشوارع و علب الهاتف و من الهاتف
و عواميد الكهرباء و المقاهي و المستشفيات و جميع الدوائر الرسمية
و من السماء و الغيوم
حتى سال الكوكب دماً..
و بقي يلمع..

في الشوارع سكاكين تلمع
تشاهدها من تحت اليد
من فوق الحذاء
في الجيب الخلفي
في صناديق السيارات
و في إنعكاس زجاج المحلات

في الشارع سكاكين تتحضّر و تشذّب بهدوء و عناية
و هي قادمة لا محالة ليسيل الكوكب مجدداً دماء

هكذا تكلّم جدّي

9:15:2:10:20:09


ليس فوق تلك العيون
سوى سواد و خوف مبطّن
ليس خلف هذا البحر سوى الشاطئ
حيث القبور تتكاثر كالذباب
ليس تحت هذا الجذع سوى جثة سُلخت هنا و إلتهمها الوقت
ليس في جمجمتي سوى ضجيج الأرق
و حب مُنتظر..
أمدّ أطرافي إلى البعيد
حيث لا شيء سوى العاصفة
و أجساد باردة برودة الحيطان
لا شيء خلف هذا الباب سوى الخوف و المطر
و غرابٌ أسودٌ يقبع على قلبي
و دجاجة أرض تحمل مدفع
و صوص أصفر يحمل سكّيناً و يذبح به صوص آخر..

مسلخ عام هذا الوطن و نحن لسنا سوى أبقاراً تنتظر

هكذا تكلّم جدي

5:33:5:42:7:10:20:09


تقفل المحلات أبوابها فقط للموت
و ليس لأي موت بل للموت قتلاً

بالأمس كانت السكاكين تلمع
كانت الأصابع تنزُّ دماً
كان اللحم ممتلأً دماء و حماس
كانت العروق منتفخة
و كان المشهد يوحي بالجثث
و
كل شيء كان مهيّئاً :

الأعناق و السكاكين و الموتسيكلات و التوابيت و الشعارات و الصور و حتى بكاء الأمهات كان جاهزاً

نزلوا كما تنزل الريح
إندسّوا في الزواريب
لمحوا أجساداً تتحرّك
شمّوا رائحة عرقهم
إستلوا سكاكينهم الحادة..
و لم نسمع سوى صوت السكاكين على اللحم
و صوت اللحم على اللحم
و صوت اللحم على السكّين و اللحم
و صوت نزيف متواصل..
وظل النزيف حتى الفجر...

هربوا تاركين سكاكينهم في البطون
و إنصرفوا آخذين معهم رواية أخرى لشباب الحي

لقد أصبح الدم كبقعة الزيت
و البقعة تتسع و تتسع
و ستتسع حتى تغطي هذا الكوكب كلّه

هكذا تكلّم جدّي

10:6:10:16:7:10:20:09


لا وقت لدينا حتى لنموت
ولا حتى لنحزن على ميّت
هكذا حدّدوها..
فإن مات أبوك تحزن لثلاثة أيام
هذاهو وقت الحزن في هذا النطام
و نحن رضينا و سمعنا و مشينا
لا وقت لدينا لنسأل أسئلة أكبر من : ماذا نأكل؟
لا وقت لدينا لنقاش حقيقي فغداً يوم عمل
لا وقت لدينا لنحب,لليلة عاصفةوكأس و مجون و حب حتى العظام
فغداً هو يوم الغسيل
بتنا لا نعرف طعم الدمع
إذ أنه ليس لدينا الوقت لتصل الدمعة إلى الفم
تعب نحمله على ظهورنا نيشان
و نتباهى بالملل
و نتجادل بالنميمة
نحب حياتنا كما هي لا أكثر
فهكذا قال لنا النظام ..

فأركض يا بطل على وجه هذا النظام
و بُل في فمه
و أبصق في عينيه و إحمل سكّينك و إرفعها عالياً
و إطعنعه في عنقه
و سرّح شعرك على جثّته الهامدة
و دع الأطفال تصرخ
و النسوة تبكي
و الرجال دعهم يصمتون فسيأتي زمن البكاء

دموع كثيرة تنتظر على الأبواب
و على درفات الشبابيك
و دموعٌ كثيرة ستهطل من أعيننا ذات مساء

بالدمع طاف الكوكب يوماً
و بالدمع سيطوف مجدداً
و لن يبق سوى الأسماك لتخبر ما جرى

هكذا تكلّم جدّي

12:3:12:21:7:10:20:09


على كل تلك الأصوات الناشزة أن تصمت
فالريح الآن تتكلّم

تهمس الريح في زواريب المدينة
تصرخ بالشبابيك
و تعوي على الشجر
و الريح تهمس بحكاية عن موت بطيء قادم إلى هذه البلاد
و تهمس بمجاعات ستحصل و تهمس بخناجر ستستقرّ في الظهور
و تحكي عن مزاريب دماء
و عن أمواس و عن شفرات
و عن لحم يُشوى و يؤكل و يرمى للكلاب

الريح تهمس بخوف يأتي من بعيد
من خلف البحر و خلف الصيادين
خوف يصل إلى العظام
و إلى الرؤوس و الجماجم
خوف يسري كالقبل على الرقاب
خوف من موت محتمل و على الأرجح بطيء

الريح تلهو بنا
و الريح تخبرنا و نحن نعرف بما تخبرنا
و الصبي الصغير في بطن أمه يعرف
و بائعي السمك و عاملي النظافة
و الكل يعرف
حتى رقبتي تعرف ما نوع السكّين الذي سيحزّها
نرفع رؤوسنا كل صباح ليس فخراً كما يتصورون
نرفعها علّ سكيناً يحزّها و نختفي
و في كل صباح نصاب بالخيبة عينها
و في كل صباح نبكي بلا صوت أو دموع
نبكي بعض المناشف و بعض الأحاسيس المكبوتة
و من ثم نضع البسمة على شفاهنا
و نخرج كما يخرج الجميع
رافعين رقابهم ..آملين

و لكن السكاكين لن تأتي
لن يأتي سوى الملل
و الكآبة..
و بعض اللحظات المبتورة
بتنا تفرح لطلوع الشمس
بتنا تفرح بقبلة حبيب
بتنا تفرح بطعم قهوة جيّدة
بتنا تفرح برؤية ثعلب
بتنا تفرح بثيابنا الأنيقة
بتنا تفرح بتشكيل حكومة
بتنا تفرح بسماع أغنية جيّدة
و هذا سخيف حقاً و معيب
فلذلك نرفع رؤوسنا عالياً
و ننتظر أي سكّين
و السكاكين لن تأتي قريباً
فهي الآن مشغولة بذبح الغنم و تقطيع الخضار

تبّاً لهذا الكوكب الذي أصبح فيه السكّين لتقطيع الخضار

هكذا تكلّم جدي

12:45:12:47:6:10:20:09


كل تلك الدماء لا تكفي لتسدّ عطش البحر
كل تلك الجثث المعلقة في المسالخ و الأحياء لا تكفي لصنع الهمبرغر و الكبّة بالصينية
كل تلك المقابر ليست سوى مقابر فوق مقابر

في الرمل تتكون الحكايات
و في التراب تروى
و على الشجر تنبت
و تسري كالريح في المدن
و تصبح الخرافة

كل الذين ماتو
ماتوا بصمت..إذ لم يكن لديهم الشجاعة للصراخ
و لا حتى للضحك
و لم يناقشوا السكين التي إحتزّت رقابهم
و لم ينظروا حتى في خوف قاتلهم

في يوم ما ستصلنا أصوات أنّاتهم و صرخاتهم المكبوتة
ستأتينا من الماء
من الشجر من الكهرباء
ستتسلّل علينا من شبابيكنا العالية
من حفرة حمّامنا
ستتسلّل علينا و نحن نيام
و ستعبث بأحلامنا..
و سنستيقظ و نحن نصرخ صراخهم المكبوت

في يوم ما سيفتح الكوكب شبابيكه و يأخذ بالصراخ عالياً
و لن يُسمع صوت لهذا الصراخ

هكذا تكلّم جدي

12:24,12:38,6,10,20.09




نطفئ سجائرنا في الرمل
و ننتظر أن ينبت تفاحاً و ليموناً
و لا ينبت سوى القلق ...
قلق..قلق..قلق..قلق..
قلوبنا تنبض قلق
قلق..قلق..قلق..قلق..
و نستطيع أن نتحسّس ذلك القلق
في شرايين اليد و الرأس و الرقبة
قلق ..قلق..قلق..قلق ..
نحمل سكيناً نقطع تلك الشرايين
و يصاب الكوكب بسيلان من القلق..
قلق ..قاق..قلق..قلق..

نقلّم أظافرنا..ننتف شعر جسدنا
و نبقى حيوانات بسكين أو مدفع
قتلة ولدنا ..
و قتلة نموت ..
لا صوت سوى لصوت الشفرة على اللحم
هذه موسيقانا
نحاول تنظيم المجازر:
نعطيها أسماءً و شعارات و أهداف و مشروع
و لكن المجزرة تبقى مجزرة
نحاول تنميقها فنستنكر
و هذا مسرحنا
و على تلك الجثث نصبنا خشبتنا
لا شكل لهذا التاريخ
سوى وجوه ملطخة بالدماء
و أجساد تنزف حتى الموت
و رؤوس تعلّق على الرماح و على السيوف و القلاع و الكنائس و الميادن
و جثث تملأ المدى و البحر
كل تلك الجثث في بطن الحوت خبّؤوها و قالوا وباء..
وصدّقنا و مشينا و كنّا نسمع أصواتهم تأتينا من بعيد ..
من البحر..من بطن الحوت ..
و لكنّنا صمتنا و صدقنا و مشينا ..
قتلة ولدنا..
و قتلة نموت..


هكذا تكلّم جدي